فشخرة
جاء في الأثر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم:ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ، والقتار هو الدخان المنبعث من المطبوخ ورائحة البخور واللحم والشواء والعظم المحروق ، لتكون مسلماً سخياً ، وكريما مع جيرانك ، وتحقق الهدف الأسمى لهذه الرسالة السماوية ليكون المجتمع المسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً.ولكن.وآه بعد لكن!
انكشف المستور تماماً ليس بدخان القدر ولا رائحة شواء العظم المحروق ،بل انكشف البيت بالكامل للجيران ولسكان العالم أجمع بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي ، فنحن كالعادة (إلا من رحم ربي) نأخذ الجانب السلبي لكل جديد ، وأصبحت كاميرات الجوال تبث وعلى مدار الساعة كل دقائق وتفاصيل حياة البيوت ، فصور المأكولات والمشروبات والملبوسات ، والسفر ، والابتسامات ، وأجزاء من الجسم كاليد والرجل ، إظهاراً لخاتم ذهب أو سواراً من ألماس ، أصبح عندنا هاجس التصوير لكل شيء ولأي شيء!
نسينا أو تناسينا أن هناك أسر لا زالت تجاهد للحصول على أساسيات الحياة الكريمة ، وعاطلون عن العمل أضناهم هم الحصول على مصدر رزق يقيم حياتهم على أسس كريمة ،وزوجة متعبة قد أعياها تعب التعامل مع زوج فج لا يحسن التعامل معها ، أو منظر حقائب تجهز للسفر تراقبها أعين لا تملك حتى وسيلة التنقل داخل الحي نفسه، وعيون فارغة وأخرى حاسدة لا يملؤها إلا التراب ، تتربص بهذه الصور المليئة بالفشخرة والتباهي غير الرشيد.
ولنا في قصة سيدنا يوسف عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام عبرة وعظة عندما أمره أبوه بعدم إخبار إخوته بالرؤيا التي رآها خوفا من الحسد والكيد من أقرب الناس إليه وهم إخوته ، فالحسد مرض خطير قد ابتلي به كثير من الناس مع ضعف الإيمان(إلا من رحم ربي).
لنعيد تعريفنا للتواصل ومعاني الجيرة الصحيحة والعلاقات الاجتماعية على قواعد قد أرساها شفيع الأمة صلى الله عليه وسلم الذي يحث على إدخال السرور على المسلم ، لا أن نحزنه بالفشخرة والمظاهر الكاذبة ،كي نكون مجتمعاً متماسكا يشد بعضه بعضاَ.
كتبه : محمد سعيد الصحفي
محاضر بالكلية التقنية بجدة
|
|
|
محمد سعيد الصحفي
تقييم
|